أثّر
الموريسكيون بشكل عميق في كل مناحي الحياة بتونس منذ القرن 17 وهذا التأثير سوف
يبرز بشكل خاص في الصناعات اليدوية وفي الناحية العمرانية ونتيجة لذلك سيتبوأ
بعضهم مناصب قيادية في بعض المهن وسيساهمون في بناء معالم ذات هندسة بديعة فيها من
التأثيرات الأندلسية / المغربية الشيء الكثير وإذا كانت بعض القصور التاريخية كدار
الحداد ودار الأخوة ودار بالما وهي لأعيان الموريسكيين شواهد حية إلى الآن على
البصمة الموريسكية في باب المنارة فإن تواجد الأندلسيين قد تجاوز هذه الرقعة
الجغرافية كما يشير إلى ذلك سليمان مصطفى زبيس حيث " نزل بعضهم في ناحية رأس
الدرب قرب زاوية سيدي قاسم الزليجي وهناك أسسوا سوقهم الذي أسموه المركاض تحريفا
للفظة
mercado الاسبانية ...ثم تعاظم عدد الوافدين
فتوسعت رقعة الإيواء السريع فأنشأ حيان كبيران في ناحيتين مازالتا تسميان بالسبخة
، سبخة باب الجزيرة قرب سيدي البشير ومازالت بها زاوية منسوبة لسيدي علي الأندلسي
وسبخة باب الخضراء وفي هذه الناحية مقابر كثيرة للأندلسيين ".
الحضور
الموريسكي غرب المدينة العتيقة سوف يكون أكثر تجليا وجمالا وحنينا إلى الوطن الأم
تدل على ذلك أقواس وقناديل نهج الأندلس وأبوابه الضخمة التي تخفي معالم تاريخية
رائعة ولعل هذا النهج كما يقول زبيس هو "من تأسيس الأندلسيين الذين جاؤوا في
أيام الحفصيين ولكن ذلك لا يمنع أن يكون قد نزلت به طائفة من كبار الموريسكيين".
لقد حافظ نهج
الأندلس منذ القرن السابع عشر على بصمته الموريسكية كما يشير إلى ذلك الباجي بن مامي ولعل
"إحدى المفاتن الرئيسية للمدينة والتي تجلب النظر، هي طرافة وأناقة وثراء
أبوابها ذات المصراعين، والمكسوّة بطريقة محكمة بالمسامير من طرف حرفيين أندلسيين
... وإلى اليوم، نلاحظ مدى تعلق متساكني مدينة تونس بهذه العناصر المختلفة
الأندلسية الأصل، ومن المؤكد أن استعمال الأبواب المسمّرة والشبابيك ذات الحديد
المطروق تبدو متماشية مع مهمة الحماية والزينة في المنازل الجديدة المقامة بالخصوص
في بلدة سيدي بوسعيد وبضواحي المنزه وقرطاج والمرسى".