سوق البلاغجية هي من دون شك واحدة من أقدم الأسواق في المدينة العتيقة إذ
يعود إنشاؤها إلى القرن 13 أي إلى زمن أبي زكرياء مؤسس الدولة الحفصية وهي بالتالي
لبنة في سلسلة الأسواق المزدهرة التي بناها السلطان في شكل حلقات يحيط بعضها ببعض.
والحقيقة أن سوق البلاغجية لم تعرف مطلقا بهذا الإسم إلا في فترة تاريخية متأخرة
فهي في الأصل قد كانت تسمى سوق الشماعين نسبة إلى الحرفيين المختصين في صناعة
الشمع الذي كان الوسيلة الوحيدة لإنارة بيوت الحاضرة وقصورها.
انقرضت صناعة
الشمع في هذا المكان وأصبحت جزءا من التجارة الرائجة في سوق العطارين وصارت السوق
كما يقول الباجي بن مامي خلال الفترة المراديّة " تعرف بسوق الصبابطيّة وأخذت
مظهرها الحالي في أيام محمد الرشيد بن حسين باي أي في النصف الثاني للقرن الثامن
عشر".
خلال القرن 18 ناهز عدد الحرفيين المرتبطين بسوق البلاغجية الـ2000 كانوا يصنعون البشمق والشبرلة والكنترة والبلغة ثم أخذ هذا العدد بالتناقص فلم يتجاوز عدد الحرفيين الـ 400 في نهاية 19 وهؤلاء تخصصوا في صناعة البلغة والكنترة وأما في وقتنا الحالي فالسوق قد عرفت تدهورا واضحا في عدد الورشات واليد العاملة ونوعية المنتوج الذي أصبح مستوردا في جزء منه .