بنى حمودة باشا
الحسيني قصر الوردة في ضاحية منوبة ، مكان البرج العسكري الكبير الذي كان استحكاما
رئيسيا مدافعا عن الحاضرة ضد الهجمات الأجنبية وقد خصص القصر بعد الانتهاء من
أشغاله في 1798 لمصيف لعائلة الباي ومقرا ثانويا للحكم وللقضاء.
يؤكد ابن أبي
الضياف مؤرخ حمودة باشا ، أن الباي لم يكن مرتاحا لانشاء هذا القصر الضخم قائلا في
حينها " ندمت على بناء دار القصبة وعلى بناء قصر منوبة اذ لا يعود على البلاد
منهما نفع بجلب مصلحة أو دفع مضرة سوى ما يظهر للرائي من فخامة المبنى وحسن المنظر".
تحول قصر الوردة
خلال أربعينات القرن التاسع عشر إلى ثكنة للمدفعية والخيالة وبعد احتلال فرنسا
لتونس في 1881 أصبح مقرا للجيش الفرنسي إلى حدود 1942 تاريخ اجتياح قوات المحور لشمال
افريقيا حيث سيتحول إلى مركز عسكري استقرت به قوات إيطاليا الفاشية.
بعد الاستقلال
تم إستغلال قصر الوردة كمقر لمدرسة ضباط الصف ثم لسرية الأشغال بوزارة الدفاع وعرف
لفترة من الزمن حالة من الإهمال أسوة بعديد المعالم التاريخية قبل أن تقر وزارة
الدفاع ترميم هذا المعلم وتحويله إلى متحف عسكري وذلك عبر ورشة هندسية ضخمة أفضت إلى
تدشينه في 25 جوان 1984 لكنه لم يفتح أبوابه للعموم إلا في 24 جوان 1989 .
قصر الوردة أو
المتحف العسكري هو اليوم أحد أجمل المتاحف التونسية وأكثرها تنظيما وهو بمثابة
إطلالة منهجية دقيقة على مختلف الحقب التاريخية والسياسية والعسكرية التي مرت بها
تونس منذ التاريخ القديم وحتى الفترة الوسيطة وصولا إلى زمن الفتوحات الإسلامية
والمرحلة العثمانية بتفرعاتها العائلية المختلفة ومرحلة الاستعمار الفرنسي.
يضم المتحف
العسكري / قصر الوردة أيضا مجموعة من فضاءات العرض الخاصة بأسلحة البر والجو والبحر
إضافة إلى قاعة خاصة بحرب القرم التي شاركت فيها تونس وفي المتحف نحو 23 ألف قطعة
سلاح أغلبها غير معروض وكل هذا في إطار مشهدي تطغى عليه مسحة جمالية وهندسية فريدة
من نوعها تنسجم مع الإسم الذي أعطي لهذا القصر فهو أشبه بوردة في تشكيلة القصور والمعالم
الحسينية التي بناها بايات تونس خلال فترات حكمهم التي امتدت حتى الاستقلال.