مدرسة النخلة...أنوار القرآن في سوق الطيبين

 


كنوزنا - ياسين بن سعد

مدرسة النخلة هي من مآثر حسين بن علي وهي أيضا أحد أجمل معالم العهد الحسيني ... إكتمل بناؤها في 1714 وقد أخذت كما يقول محمد بن الخوجة "مكان أبنية سابقة منها فندق يعرف بفندق الزبيب ورباعات اخرى بجواره اشترى جميعها (الباي حسين) وهدمها وبنى بموضعها هذه المدرسة وكانوا ينعتونها يومئذ بمدرسة سوق الطيبين وحبسها على طلبة العلم المالكية الواردين من الآفاق على مدينة تونس وحصر عددهم في 14 طالبا ورتب لها مدرسا وقيما وقدر لهما وللطلبة أرزاقا جارية من ريع الأوقاف التي حبسها على هذه المدرسة وكان ذلك في جمادى الأولى عام 1126 هـ 1714 م".

أصبحت سوق الطيبين التي كانت تباع فيها الزهور لتجار سوق العطارين تسمى لاحقا "سوق الكتبية" بعد أن غلبت تجارة بيع الكتب على هذا المكان القريب من جامع الزيتونة ويقول بن الخوجة أن جوار المدرسة كان به " فندق للخمور والفجور" فيما يذكر محمد سعادة أن حسين بن علي هدم 18 خمارة.

تولى التدريس في هذه المدرسة عند انشائها الشيخ أبا عبد الله محمد الخضراوي ثم درّس بها المفتي الشيخ محمد البنا والشيخ محمد النيفر وكانت مدرسة النخلة حتى بداية الثلاثينات تحتضن أكثر من 30 طالبا زيتونيا . تم ترميمها سنة 1979 وفي 1980 أصبحت مقرا لمدرسة التجويد التابعة لوزارة الثقافة والان هي مقر للجمعية القرآنية الجهوية بتونس التابعة لرابطة الجمعيات القرآنية وتهدف هذه الجمعية الى تحفيظ القرآن الكريم مع فهم المعاني والمقاصد وذلك باستعمال الطرق البيداغوجية والوسائل العصرية  ونشر القرآن وطبع المصاحف وإيجاد المكتبات وإقامة التربصات لتصحيح التلاوة وتوزيع المنح والمساعدات الوطنية والخارجية وتخصيص جوائز تنشيطا لحفظة القرآن من الناشئين والكهول.

على غرار المدارس الدينية التقليدية يؤدي الباب المسمرّ لمدرسة النخلة الى سقيفة بسيطة خالية من البهرج والتزويق وهذه السقيفة تفضي الى فناء واسع مبلط بحجر الكذال.

في وسط الفناء مازالت النخلة التي سميت المدرسة باسمها باسقة وشامخة منذ311 سنة أغصانها خضراء يانعة وتحيط بها بعض نباتات الزينة وهذا المشهد البديع يضفي على المكان جمالا وسكينة ممزوجين بخشوع القراءات القرآنية.

حول هذا الفناء 4 أروقة يرتكز كل واحد منها على أعمدة بتيجان عثمانية وتعلو هذه الأعمدة أقواس خالية من النقوش الجبسية فيما تغيب الزخارف واللوحات الخزفية عن الجدران لكن الكذال الوردي المحيط بأبواب الغرف يعطي لهذه الأروقة رونقا مميزا وهذا التميز يبرز أيضا في المسجد الذي حظي بعناية زخرفية واضحة سواء في مستوى الجدران أو المحراب.

تحتل مدرسة النخلة مساحة تقدر بـ 520 مترا مربعا وبها 12 غرفة وهي بل شك واحدة من أجمل وأفسح المدارس في المدينة العتيقة .


أحدث أقدم

نموذج الاتصال